Whish Money تقفل حسابات "وتعاونوا" وناشطين

Whish Money تقفل حسابات "وتعاونوا" وناشطين -- Oct 15 , 2025 126


لا ترحم الدولة الجنوبيين، ولا تترك لهم فسحة ليتدبّروا أمورهم بأنفسهم. لا تبادر بإعادة إعمار منازلهم المهدّمة، ولا تتّخذ أي خطوة جادّة لضخ الحياة في شرايين القرى الحدودية، انصياعاً لـ«فرمانات» أميركية بالتضييق على المجموعات والجمعيات والأفراد الذين يجمعون التبرعات لدعم صمود العائلات في الجنوب، كما حصل أخيراً بإقفال شركة Whish Money حسابات جمعية «وتعاونوا» وعضو المجلس البلدي في بلدة راميا حسين صالح.

بحسب جمال شعيب، مدير العلاقات العامة والأنشطة في جمعية «وتعاونوا»، فإن ما قامت به الدولة بإقفال حساب الجمعية في Whish Money «أخطر ممّا يفعله العدو الإسرائيلي»، ليس فقط لأنه جاء طعناً في الخاصرة من القريب، بل لأن الجمعية التي صمدت أمام تهديدات العدو «تشعر اليوم بتهديد فعلي لاستمراريتها».

ويبرر شعيب الاعتماد الكبير على شركات تحويل الأموال، ولا سيما Whish Money، بأنها «الأسهل والأكثر تداولاً بين الناس، خصوصاً أننا نغطي حالات طارئة مثل إجراء عمليات جراحية مستعجلة، ولا يمكن جمع مبالغ مالية كبيرة في وقت قصير عبر الكاش». ويوضح أن غالبية المساهمين داخل لبنان من ذوي الدخل المحدود، وتُراوح تبرعاتهم غالباً بين 5 و10 دولارات، وممّن لا يمكن تكبيدهم عناء توصيل الأموال إلى الجمعية. أما المساهمون من الخارج فـ«عددهم قليل، ولا وسيلة أمامهم للتبرع سوى تحويل الأموال إلى حساب الجمعية».

ورغم استمرار «وتعاونوا» في استقبال التبرعات عبر حسابها لدى مؤسسة القرض الحسن (الرقم: 1-0-32-817)، يشير شعيب إلى أن هذا الخيار «لا يمكن اعتباره بديلاً كاملاً، لأنه موجه إلى فئة محدودة تمتلك حسابات في القرض أو تستطيع الوصول بسهولة إلى أقرب فرع له».

والجدير بالذكر أن «وتعاونوا» هي الجمعية الوحيدة التي تعمل بفعالية وانتشار واسع في الأراضي الجنوبية منذ وقف إطلاق النار في تشرين الثاني 2024، من دون اعتبار للتهديدات الإسرائيلية أو لـ «زعل» الممول، كما هي الحال مع بقية الجمعيات التي انسحبت غالبيتها من الجنوب في أكثر الأوقات حاجةً إليها. واتُخذ القرار بقطع قنوات التمويل عن «وتعاونوا»، من دون أي تبرير أو إتاحة فرصة للدفاع عن النفس في وجه هذا القرار الجائر. وحتى إدارة Whish Money رفضت تسلّم المستندات الرسمية التي تثبت أنّ الجمعية تمتلك «العلم والخبر» منذ عام 2021، «وأبلغتنا بأن القرار اتُخذ ولا رجعة فيه، ولا داعي لإضاعة الوقت في مراجعته».


وبهذا تسقط الحجج التي قدّمتها Whish Money للناشط حسين صالح بأن إقفال حسابه «جاء لجمعه التبرعات في حساب غير موثق لهذه الغاية، ولغياب العلم والخبر وفقاً للتعميم الرقم 170 الصادر عن مصرف لبنان». وهي حجة بلا منطق، إذ إن «وتعاونوا» حائزة على العلم والخبر، فيما التعميم الرقم 170 مخصّص للمنظمات الخاضعة لعقوبات دولية، وليس للأفراد، خصوصاً إذا كان هؤلاء يقومون بمبادرات فردية وليسوا مدرجين على أي لائحة عقوبات.

ومهما قضت القرارات والتعميمات، يبقى صالح «غير قادر على هضم كيف تُحرم 13 عائلة تنتظر وصول المساعدات من أبسط حقوقها»، وكيف تُقيّد حملة «دولار واحد» الشبابية التكافلية التي تهدف إلى دعم العائلات الجنوبية المتضررة من العدوان، الصامدة في القرى الحدودية والمهجّرة قسراً منها، بدل أن تدعمنا الدولة ومصرف لبنان ويقفا إلى جانبنا في سدّ تقصيرهما بحق هذه العائلات».

وشكّل القرار ضربة موجعة لجمعية «وتعاونوا»، مهدداً مشاريعها الحيوية التي أسهمت في إغاثة أهالي الجنوب وتوفير بعض الأمان الاجتماعي لهم. من هذه المشاريع: مشروع «الوجه الحسن» للاستجابة الطارئة لحاجات الأهالي في القرى الحدودية، وإنارة الطرقات باستخدام لمبات الطاقة الشمسية.

فيما أصبح الغموض يحيط بمصير مشروع توفير المياه الذي انطلق في قرى عدة مثل بليدا حيث وفرت الجمعية خزاناً خرسانياً للمياه، فضلاً عن مشاريع دعم البلديات المتعثرة في ترميم المباني والمرافق العامة، بما فيها المشاريع الترفيهية، وفقاً لشعيب، إذ «كنا نفكر في دعم ترميم الحدائق في الجنوب، وبدأنا نركز على دعم مشاريع البيوت الجاهزة للمراكز الصحية والعيادات، ولا نعرف اليوم كيف سنكمل». وبعد أن وزّعت الجمعية 56 ألف حصة غذائية هذا الشهر في مختلف المناطق اللبنانية، وخططت لإعادة تفعيل المطبخ اليومي في قرى الشريط الحدودي، لم يعد هناك ما يضمن استمرارية الأمن الغذائي لعدد كبير من العائلات.


ويبقى البحث عن مبررات وقف حساب الجهات التي تدعم صمود العائلات في الجنوب عبثياً، خصوصاً في ظل سلسلة ممارسات تهدف إلى تعطيل جهود الإعمار ودعم الأهالي، من استهداف المنشآت والمؤسسات، إلى إقفال حسابات الناشطين العاملين في الإغاثة. ويبدو أن التفسير الوحيد لهذا القرار هو التماهي مع إجراءات العدو الإسرائيلي وإذعان شركات تحويل الأموال ومصرف لبنان ووزارة المالية الوصية عليهما للضغوط الأميركية. فبعدما قرر الجنوبي مواجهة مخطط التهجير الصهيوني، وتغطية تقصير الدولة في الحفاظ على وجوده في أرضه، يبدو أن هناك من يريد أن يمنعه من ذلك بأي طريقة.

الأخبار - زينب حمود

أقرأ أيضاَ

جابر: لبنان يريد شراكة حقيقية تعيد بناء الثقة بمؤسسات الدولة واقتصادها

أقرأ أيضاَ

الصندوق "يكبّر الحجر" ولبنان يتحصّن بالأخذ والردّ الإيجابيّ